معني الصلب والترائب
انت في الصفحة 1 من 4 صفحات
أولا:
المراد بالآية تذكير الإنسان بأصل نشأته، وخلقه من ذلك الماء الدافق، وأن الذي خلقه هذه الخلقة بقدرته، قادر ـ سبحانه ـ على أن يعيد بعثه للحساب، مرة أخرى. قال الزمخشري: " فإن قلت: ما وجه اتصال قوله ( فَلْيَنظُرِ ) بما قبله ؟
قلت: وجه اتصاله به: أنه لما ذكر أن على كل نفس حافظًا، أتبعه توصيةَ الإنسان بالنظر في أوّل أمره ونشأته الأولى ؛ حتى يعلم أنّ من أنشأه قادر على إعادته وجزائه، فيعملَ ليوم الإعادة والجزاء، ولا يُملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته " انتهى من "تفسير الكشاف".
وإذا كان الصلب هو: الظهر، باتفاق المفسرين هنا، وأما الترائب، فقد اختلف أهل العلم فيما هي، وأين موضعا.
قال الإمام الطبري رحمه الله: " واختلف أهل التأويل في معنى الترائب، وموضعها:
قال بعضهم: الترائب: موضع القلادة من صدر المرأة "، وهو مروي عن ابن عباس وعكرمة، وغيرهما.
وقال آخرون: الترائب: ما بين المنكبين والصدر، وهو مروى عن مجاهد، وغيره من السلف.
وقال آخرون: معنى ذلك، أنه يخرج من بين صلب الرجل ونحره "، وهو مروى عن قتادة.
وروى ـ أيضا ـ قول من قال: هو اليدان والرجلان والعينان، ومن قال: هي الأضلاع التي أسفل الصلب، ومن قال: هي عصارة القلب.
ثم قال – أي: الطبري - رحمه الله: " والصواب من القول في ذلك عندنا، قولُ من قال: هو موضع القِلادة من المرأة، حيث تقع عليه من صدرها ؛ لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب، وبه جاءت أشعارهم، قال المثقَّب العبدي:
وَمِنْ ذَهَبٍ يُسَنُّ عَلَى تَرِيبٍ... كَلَوْنِ العَاجِ لَيْسَ بِذِي غُضُونِ " انتهى بتصرف.
تفسير الطبري (24/354-356).
وهذا الذي اختاره إمام المفسرين: من أن المراد به: صلب الرجل، وترائب المرأة، وهو موضع القلادة منها، هو الذي اختاره الإمام القرطبي في تفسيره (16/343،20/5)، والحافظ ابن كثير في تفسيره (8/375)، واختاره أيضا: العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله، قال:
" اعلم أنه تعالى بين أن ذلك الماء، الذي هو النطفة، منه ما هو خارج من الصلب، أي: وهو ماء الرجل، ومنه ما هو خارج من الترائب، وهو ماء المرأة، وذلك قوله جل وعلا: ( فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب ) الطارق/5-7 لأن المراد بالصلب: صلب الرجل، وهو ظهره، والمراد بالترائب: ترائب المرأة، وهي موضع القلادة منها. ومنه قول امرىء القيس: