السبت 23 نوفمبر 2024

بالأمس عدت إلى بيتي متعباً منهكاً فقالت لي زوجتي هلَّا بدلت ثيابك وارتحت قليلا

انت في الصفحة 2 من 3 صفحات

موقع أيام نيوز


فذهبت إليها محاولا الحديث معها وإفهامها أني مازلت بجوارها إلا أنه حيل بيني وبين ما أردت....
فالټفت إلى أبي وإلى إخوتي محاولا إسماع صوتي ولكن دون جدوى !!!
ذهب إخوتي للإعداد للجنازة وخر أبي على الكرسي يبكي وأنا في ذهول تام وإحباط شديد من هول ذلك الکابوس المزعج الذي أحاول الاستيقاظ منه.
جاء المغسل وبدأ في تغسيل ذاك الجسد الملقى على فراشي بمساعدة أبنائي ولفه بالكفن ووضعه في التابوت.

وتوافد الأصدقاء والأحباب إلى البيت والكل يعانق أبي المڼهار ويعزون إخوتي وأبنائي ويدعون لي بالرحمة ولهم بالصبر والسلوان.
ثم حملوا التابوت إلى المسجد ليصلوا عليه وخلا المنزل إلا من النساء. فخرجت مسرعا خلف الچنازة المتجهة إلى المسجد حيث اجتمع الجيران والأصدقاء واصطفوا خلف الإمام ليصلوا علي.
ووسط هذا الزحام الشديد وجدتني أخترق الصفوف بيسر وسهولة دون أن ألمس أحدا.
كبر الإمام التكبيرة الأولى وأنا أصرخ فيهم يا أهلي يا جيراني على من تصلون !!!
أنا معكم ولكن لا تشعرون!!!
أناديكم ولكن لا تسمعون!!!
بين أيديكم ولكن لا تبصرون!!!
فلما استيئست منهم تركتهم يصلون وتوجهت إلى ذلك الصندوق وكشفت الغطاء أنظر إلى ذلك النائم فيه
وما إن كشفت عن وجهه حتى فتح عينيه ونظر إلي وقال الآن انتهى دوري أنا إلى الفناء أما أنت فإلى البقاء !!!
ثم قال لازمتك ما يزيد عن أربعين عاما واليوم مآلي
إلى التراب ومآلك إلى الحساب !!!
ولم أشعر بنفسي إلا وأنا ملقى في التابوت فاقدا السيطرة على كل شئ أطرافي لم تعد تستيجب لي. لم أعد أرى شيئا لم أعد أقوى على الحراك أحاول الكلام فلا أستطيع.
فقط أسمع تكبيرات الإمام ...
ثم غمغمات المشيعين ....
ثم صوت التراب ينهال علي ....
ثم قرع النعال مبتعدة ....
أدركت حينها أنها النهاية ....
ولربما البداية ....
بداية النهاية ....
هكذا بكل بساطة ودون مقدمات !!!!!
مازال لدي الكثير من المواعيد
مازال لدي الكثير من الأشغال
أين نقالي 
أريد أن أوصي بفعل خير لطالما أجلته
أريد أن أنهى عن منكر لطالما رأيته
وشيئا فشيئا بدأت أختنق
ثم سمعت أصوات أقدام متجهة إلي
يا ويلتى سيبدأ الحساب!!!
 

انت في الصفحة 2 من 3 صفحات